رسالة الفصح لعام ٢٠٢٥

أبرشية الكنيسة الأرثوذكسية الحقيقية الروسية في أوروبا الغربية
المسيح قام!
أيها المؤمنون الأعزاء في المسيح القائم من بين الأموات، بفرح روحي عظيم، نعلن من جديد انتصار ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح على الموت: “المسيح قام من بين الأموات، ووطئ الموت بالموت، ووهب الحياة للذين في القبور!” هذا هو أساس إيماننا، وإتمام التدبير الإلهي، والنور الساطع الذي يبدد ظلمات الخطيئة والفساد.
قيامة المسيح ليست مجرد حدث من الماضي، ولا مجرد رمز، بل هي واقع حاضر وحي، نحن مدعوون للمشاركة فيه. يقول القديس غريغوريوس اللاهوتي: “بالأمس صُلبت معه؛ واليوم أُمجّد معه. بالأمس متُّ معه؛ واليوم أُحيى معه. بالأمس دُفنتُ معه؛ واليوم أقوم معه”. (العظة ٤.١)
في القيامة، نرى إحياء الإنسان الساقط، وتجديد الخليقة، ووعد الحياة الأبدية. يُعلّمنا القديس أثناسيوس الكبير: “بالموت أباد الموت، وبالقيامة رفع الإنسان إلى عدم الفساد”. (في التجسد، ٥.٩). لقد انكسر سلطان الشيطان، الذي بدأ بسقوط آدم، لأنه كما يقول الرسول بولس: “آخر عدو يُباد هو الموت” (١ كورنثوس ٢٦:١٥).
ويخبرنا القديس أفرام السوري: “انشقّ القبر، لا ليُخرج المسيح، بل ليُظهر لنا أنه لم يكن هناك”. (ترانيم في القيامة ٨:١) ويُعبّر القديس ميثوديوس الأوليمبي عن فكرة نادرة وجميلة: “القيامة هي ميلاد الإنسان الجديد، الذي لم يعد خاضعاً للفساد، بل مُرتدياً ثوب الخلود”. (وليمة العذارى العشر ٨: ١٦). وهكذا، في ضوء الفصح، نفهم أن القيامة ليست انتصاراً للمسيح فحسب، بل هي دعوتنا إلى التجلي والتأله.
يحثنا الرسول بولس قائلاً: “فإن كنتم قد قمتم مع المسيح، فاطلبوا ما هو فوق، حيث المسيح جالس عن يمين الله.” (كولوسي ٣: ١). القيامة ليست مجرد حدث نعترف به، بل هي حياة يجب أن نعيشها.
يذكرنا القديس سمعان اللاهوتي الحديث: “إن لم يجد الإنسان المسيح القائم في نفسه في هذه الحياة، فلن يجده في الدهر الآتي.” (ترنيمة ١).
يا أبناء المسيح الأحباء، نعيش في عصر يُشوّه فيه كثيرون حقيقة الإنجيل، ويُحوّلون القيامة إلى مجرد تقليد أو احتفال خالٍ من أي قيمة. لكن علينا، ككنيسة أرثوذكسية حقيقية، أن نثبت في إيمان الرسل والآباء الراسخ.
فلنحفظ هذا الميراث المقدس بيقظة، متذكرين أنه “إن لم يكن المسيح قد قام، فباطلة كرازتنا، وباطل أيضاً إيمانكم” (١ كورنثوس ١٥: ١٤). ولكن لأنه قام، انتصر إيماننا، وتغيرت حياتنا، وثبت رجائنا.
فلنبتهج إذًا مع الكنيسة كلها، مع القديسين والملائكة القديسين، لأن “هذا هو اليوم الذي صنعه الرب، فلنفرح و نتهلل به” (مز ١١٧: ٢٤).
المسيح قام! حقاً قام!
+ فيلاريتوس
أسقف باليني وأوروبا الغربية