هل يهتم الله حقاً بتاريخ احتفالنا بأي عيد؟

١٥ وٱحسُبوا لَكم مِن غَدِ السَّبت، مِن يَومِ إِتْيانِكم بِحُزمةِ التَّحْريك، سَبعَةَ أَسابيعَ تامّة.
١٦ إِلى غَدِ السَّبتِ السَّابِع، تَحسُبونَ خَمْسينَ يَومًا، ثُمَّ تُقَرِّبونَ تَقدِمةً جَديدةً لِلرَّبّ…
٢١ وتَدْعونَ في ذٰلك اليومِ عَينِه إِلى مَحفِلٍ يَكونُ لَكم مُقَدَّسًا، فلا تَعمَلوا فيه عَمَلَ خِدْمة: فَريضَةٌ أَبَدِيَّةٌ في جَميعِ مَساكِنِكم مَدى أَجْيالِكم.

حتى التقويم الكنسي نفسه يلعب دوراً مهماً في حياتنا الروحية. فالأعياد والأصوام و الاحتفالات تحدد إيقاع حياتنا الروحية، وتذكرنا بالتاريخ المقدس الذي يشكل إيماننا. وكثيراً ما يثار السؤال بين المسيحيين الأرثوذكسيين: هل يهتم الله حقاً بتاريخ احتفالنا بأي عيد؟ والإجابة، التي تستند إلى الكتاب المقدس والتقاليد، هي نعم مدوية. فالتواريخ التي نحتفل بها ليست تعسفية بل هي محددة إلهياً وتحافظ عليها الكنيسة الأرثوذكسية بدقة، مما يعكس أهمية لاهوتية وروحية عميقة.

الأساس الكتابي للتواريخ المحددة
إن أهمية التواريخ المحددة في الاحتفالات الدينية واضحة في العهد القديم. ففي سفر اللاويين ٢٣: ١٥-١٦، يأمر الله بني إسرائيل أن يحسبوا خمسين يوماً من اليوم التالي للسبت الذي يلي عيد الفصح ثم يقدموا قرباناً من الحبوب الجديدة للرب. وتسلط هذه التعليمات الدقيقة الضوء على أهمية الالتزام بتواريخ محددة للاحتفالات الدينية. لم تكن هذه الوصايا مجرد اقتراحات بل أوامر إلهية شكلت عبادة شعب الله وحياته الجماعية.
هذا المبدأ يمتد إلى العهد الجديد وحياة الكنيسة. إن الكنيسة الأرثوذكسية، بحكمتها وإخلاصها للتقاليد الرسولية، لا تزال تتمسك بأهمية التواريخ الليتورجية. إن التقويم الليتورجي، بأعياده و أصوامه، ليس مجرد اختراع بشري بل هو جدول زمني مقدس يساعد المؤمنين على العيش في وئام مع الخطة الإلهية.

جوهر الأعياد وتواريخها
إن الأعياد في الكنيسة الأرثوذكسية لا تخدم مجرد إحياء ذكرى الأحداث التاريخية. فهي نوافذ على السر الإلهي، وفرص للمؤمنين للقاء بالإله الحي. فكل عيد يحيي أعمال المسيح الخلاصية، ووالدة الإله، والقديسين، ويجذبنا إلى شركة أعمق مع الإله. والتواريخ المحددة لهذه الأعياد هي علامات مستوحاة من الله ترشدنا عبر التاريخ المقدس للخلاص. إن الالتزام الدقيق بهذه التواريخ يسمح للمؤمنين بالمشاركة في أسرار الإيمان بطريقة متماسكة وموحدة وعميقة لاهوتياً ويجب أن تكون موحدة لجميع المسيحيين الأرثوذكسيين، سواء كانت كل كنيسة محلية تحتفل ببعض القديسين أو الأيقونات بشكل أكثر تحديداً أم لا. إن وحدة الكنيسة في حياتها الليتورجية مهمة. فالكنيسة هي جسد المسيح، ووحدتها تعكس وحدة الثالوث الأقدس. إن الاحتفال بالأعياد معاً في نفس التواريخ يعزز الهوية الجماعية ويعزز الإيمان المشترك قبل أن تدمر جرافة القرن العشرين كل الوحدة. تحافظ الكنيسة الأرثوذكسية، بتقاليدها المحلية المتنوعة، على هذه الوحدة من خلال الالتزام بتقويم طقسي مشترك يتجاوز الاختلافات الجغرافية والثقافية.
كان التقويم الليتورجي بمثابة إطار موحد يحترم ويدمج العادات المحلية مع الحفاظ على سلامة الإيمان. من خلال مراعاة وحدة التواريخ، عبر المسيحيون الأرثوذكسيون في جميع أنحاء العالم عن تضامنهم واستمرارهم مع الكنيسة العريقة.
الاعتبارات الرعوية وأيام العطل
من وجهة نظر رعوية، فإن التواريخ المحددة للأعياد لها أيضًا آثار عملية. تحدد الكنيسة الأرثوذكسية أيام أعياد معينة كأيام بدون عمل، مؤكدة على أهميتها وضمان قدرة المؤمنين على المشاركة الكاملة في الاحتفالات الليتورجية. توفر أيام التي بلا عمل الفرصة للراحة والتأمل والعبادة الجماعية، مما يؤكد على قدسية الوقت المخصص لله.
عند تناول أهمية هذه التواريخ، من المهم أيضًا إدراك السياق المحلي. ففي بعض المناطق، يعزز الالتزام بالتواريخ التقليدية هوية واستمرارية الشهادة الأرثوذكسية. إن مراعاة هذه التواريخ بأمانة يعزز الشعور بالانتماء ويدعم الجانب الجماعي للعبادة. إذن، هل يهتم الله حقًا بتاريخ احتفالنا بأي عيد؟ بناءً على السوابق الكتابية والتقاليد التاريخية وممارسة الكنيسة الأرثوذكسية، فإن الإجابة هي نعم بشكل لا لبس فيه. التواريخ التي نحتفل بها هي تواريخ إلهية، ترشدنا عبر الإيقاعات المقدسة للعبادة وتضمن وحدتنا كجسد المسيح. بينما نكرم هذه الأوقات المقدسة، دعونا نركز على جوهرها الروحي، ونسعى جاهدين لعيش الحقائق التي تكشف عنها في حياتنا اليومية.
في النهاية، الهدف النهائي لأي عيد هو تقريبنا من الله، وملء حياتنا بنور المسيح، وتعزيز روابط الحب داخل جسد المسيح. التواريخ المحددة لهذه الاحتفالات جزء لا يتجزأ من هذه العملية، تعكس رعاية الله لنظام وقداسة عبادتنا.